بيرو بلد متنوع بشكل طبيعي وتلعب أنهاره دورًا أساسيًا في بيئتها وثقافتها واقتصادها. مع وجود أكثر من 1,000 نهر يمر عبر الأراضي البيروفية، ينبع الكثير منها في جبال الأنديز ويمر البعض الآخر عبر منطقة الأمازون الشاسعة قبل أن يتدفق إلى المحيط الأطلسي. سنتعرف اليوم على أهم الأنهار في البيرو، والتي لا تقود حياة من يعيشون بالقرب من أحواضها فحسب، بل تدعم أيضًا التنوع البيولوجي الفريد من نوعه في العالم.
نهر الأمازون
نبدأ بنهر الأمازون، المعروف بأنه أكبر وأوسع نهر في العالم. ويبلغ طوله حوالي 7,062 كيلومترًا، ويمر جزء من مساره عبر البيرو وكولومبيا والبرازيل قبل أن يصب في المحيط الأطلسي. بالإضافة إلى طولها المهيب، فهي تحتوي أيضًا على أكبر حوض هيدروغرافي في العالم، مما يوفر الحياة لبيئة الغابة الشاسعة، حيث يوجد تنوع بيولوجي لا يصدق.
في بيرو، يتدفق نهر الأمازون بشكل رئيسي عبر منطقة لوريتو. يعد هذا القسم من النهر وجهة سياحية مهمة، خاصة مدينة إكيتوس، حيث يمكنك من خلالها زيارة محمية باكايا ساميريا الوطنية ومراقبة الحيوانات المحلية، ومن بينها الدلافين الوردية والتماسيح وأسماك الضاري المفترسة وتنوع كبير من الطيور.
جانب آخر ملحوظ في منطقة الأمازون هو الاختلاف في عرضها. وفي المرحلة المنخفضة يمكن أن يتراوح عرضه من 1,6 إلى 10 كيلومترات، وفي موسم الأمطار يمكن أن يمتد عرضه إلى أكثر من 45 كيلومتراً. ويبلغ متوسط تدفقه حوالي 209,000 متر مكعب في الثانية، مما يجعله أكبر نهر على هذا الكوكب.
كما يشتهر نهر الأمازون بتاريخه، حيث اكتشفه أميريكو فيسبوشيو، أول أوروبي أبحر في مياهه عام 1499، وفرانسيسكو دي أوريانا، الذي كان أول من نزل النهر من جبال الأنديز.
نهر أوكايالي
نهر أوكايالي هو أحد عمالقة الأنهار في بيرو. وهو أحد الروافد الرئيسية التي تشكل نهر الأمازون عند انضمامه إلى نهر مارانيون. يبلغ طول هذا النهر، الذي تم تحديده على أنه الأطول في بيرو، 1,771 كيلومترًا. تاريخياً، اكتشفها فرانسيسكو دي ساليناس لويولا عام 1577، ويعتبر حوضها موطناً لأنواع غريبة مثل الدلفين الوردي، وثعالب الماء العملاقة، وخروف البحر الأمازوني.
ينبع نهر أوكايالي عند التقاء نهري تامبو (159 كم) وأوروبامبا (862 كم)، من أبعد مصدر له، نهر أبوريماك. يعد التنقل في هذا النهر أمرًا شائعًا نسبيًا لنقل البضائع والأشخاص، وتقع موانئه الرئيسية في بوكالبا وأتالايا وكونتامانا. بالإضافة إلى ذلك، فهي منطقة ذات تنوع بيولوجي كبير، مثل البيئة الأمازونية بأكملها.
يعد حوض أوكايالي أيضًا موطنًا للعديد من أنواع الحيوانات والنباتات المستوطنة.، والعديد من روافده، مثل نهر باتشيتيا ونهر أغوايتيا، تساهم بشكل كبير في تدفق نهر الأمازون.
يعد هذا النهر أمرًا حيويًا لكل من التنوع البيولوجي المحلي والمجتمعات التي تعيش على ضفافه. وبفضل نشاط صيد الأسماك والزراعة، تعتمد مئات البلدات على مياه نهر أوكايالي في معيشتها.
نهر مارانيون
يعد نهر مارانيون أحد أهم مصادر المياه في بيرو. يقع منبعه في مقاطعة لاوريكوتشا، في جبال الأنديز، على ارتفاع 5,800 متر فوق سطح البحر، حيث يتدفق عبر الجبال المغطاة بالثلوج في سلسلة جبال راورا. يُعرف هذا النهر بأنه أحد الروافد الرئيسية التي تشكل نهر الأمازون.
على طول حوالي 1,707 كيلومترًا، يعبر نهر مارانيون المناظر الطبيعية الجبلية والغابات المنخفضة. ويتميز مجراه العلوي بأنه سريع الجريان ومضطرب، أما في سهل الأمازون فيشكل تعرجات لطيفة. ويتحد مع نهر أوكايالي بالقرب من بلدة نوتا، حيث يشكل كلا النهرين نهر الأمازون.
أثناء مروره عبر Pongo de Manseriche، يمر نهر Marañón عبر وادٍ صخري ضيق حيث تكون الملاحة خطيرة بسبب تياره القوي والصخور الحادة، ولكن هذا القسم موضع تقدير لجماله الخلاب الرائع.
تشتهر El Marañón أيضًا بإنتاجها المهم للطاقة الكهرومائية. توجد العديد من محطات الطاقة الكهرومائية على هذا النهر بسبب تدفقه الكبير وانحدار مساره الملحوظ.
ريو أبوريماك
يبرز نهر أبوريماك لكونه أحد الأنهار التي تشكل جزءًا من النظام الذي يؤدي في النهاية إلى نشوء نهر الأمازون. ومن منبعه بين جبال أريكويبا وكوسكو، يوفر هذا النهر مناظر خلابة، وتحيط به وديان ووديان عميقة حيث تتدفق المياه بقوة.
تعتبر Apurímac واحدة من الأطول في بيروويبلغ طوله أكثر من 730 كيلومترا. ويشكل على طول مساره العديد من جبال البونجو والأودية، بما في ذلك وادي أبوريماك الشهير، وهو أحد أعمق الأودية في العالم. يعد هذا النهر أيضًا وجهة ممتازة للباحثين عن المغامرة، وخاصة الرياضات المائية البيضاء مثل ركوب الرمث.
يرمز أبوريماك أيضًا إلى روحانية خاصة في ثقافة الإنكا، حيث أن اسمه يعني "الإله الذي يتكلم". يُعتقد أن النهر يمتلك قوى غامضة وكان يُعبد كإله.
يعد هذا النهر أيضًا نقطة البداية لوادي أبوريماك، وهي منطقة غنية بالتنوع البيولوجي وموطن لنباتات وحيوانات الأمازون بالإضافة إلى المناظر الطبيعية الجبلية الرائعة.
نهر ريماك
يعد نهر ريماك أحد أهم الأنهار في المنطقة الوسطى من بيرو. ويبلغ طول مساره 160 كيلومترًا، ويمتد من مرتفعات جبال الأنديز حتى يصب في المحيط الهادئ. ويمر عبر مدينة ليما، عاصمة البلاد، مما يجعلها مصدرا حيويا لإمدادات المياه للمواطنين والزراعة.
اسم النهر يأتي من الكيشوا، حيث يُترجم Rímac على أنه "الشخص الذي يتحدث" أو "المتحدث".. وبحسب الأساطير المحلية، كان يُعتبر نهراً "يتحدث" إلى من يستشيره، من خلال الكهنة الذين عملوا كوسطاء في زمن الإنكا.
يلعب Rímac دورًا أساسيًا في الاقتصاد والنقل في المنطقةبالإضافة إلى ارتباطه تاريخيًا بعصور ما قبل الإسبان، حيث كان النهر يغذي حضارة الإنكا التي كانت تسكن المناطق المحيطة. واليوم، لا يزال جزءًا أساسيًا من البنية التحتية للمياه في ليما.
أحد المخاوف الحالية بشأن نهر ريماك هو التلوث الناجم عن الأنشطة الصناعية والسكنية، مما أدى إلى مبادرات التنظيف وإزالة التلوث للحفاظ على مياهه.
نهر سانتا
يعد نهر سانتا، الواقع في منطقتي أنكاش ولا ليبرتاد، أحد أهم الأنهار في شمال بيرو. يبلغ طول هذا النهر حوالي 337 كيلومترًا، وينبع من بحيرة كونوكوشا، في سلسلة جبال أنكاش، على ارتفاع 4,050 مترًا فوق مستوى سطح البحر.
يتمتع نهر سانتا بأهمية خاصة لقربه من كورديليرا بلانكا وكورديليرا نيجرا. يعد حوضه أحد أكبر الأحواض في بيرو، ويتدفق النهر من الجبال إلى المحيط الهادئ. بالإضافة إلى أنه نهر عظيم وتستخدم مياهه لتوليد الطاقة الكهرومائية والري الزراعي.
أحد الوجهات السياحية البارزة على طول نهر سانتا هو باتو كانيون، حيث يتدفق النهر عبر مضيق ضيق من الجدران الصخرية العمودية التي تفصل بين سلاسل الجبال البيضاء والسوداء.
يختلف تدفق نهر سانتا بشكل كبير حسب الموسم ويعتمد إلى حد كبير على ذوبان جبال كورديليرا بلانكا المغطاة بالثلوج. خلال موسم الأمطار، يرتفع النهر ويجري بقوة، بينما في موسم الجفاف، يمكن أن ينخفض منسوبه بشكل ملحوظ.
ريو مانتارو
أحد أهم الأنهار في وسط بيرو هو نهر مانتارو. يتدفق هذا النهر عبر منطقة جونين لمسافة تبلغ حوالي 724 كيلومترًا. نهر مانتارو هو نهر ذو أهمية اقتصادية حيوية بسبب دوره في النظام الكهرومائي في بيرو. بالإضافة إلى ذلك، فهي تعطي الحياة لوادي مانتارو، أحد أكثر المناطق الزراعية إنتاجية في البلاد.
ينبع نهر مانتارو من بحيرة جونين، على هضبة بومبون، وهو سهل الأنديز الواسع الذي يزيد ارتفاعه عن 4,000 متر فوق مستوى سطح البحر. ومن هناك، يتدفق عبر عدة مقاطعات قبل أن ينضم إلى نهري أبوريماك وإيني ليشكلا نهر تامبو في حوض الأمازون.
كان نهر مانتارو أيضًا بطل العديد من الدراسات الهيدروغرافية بسبب تدفقه المتقلب وتأثير تغير المناخ على الأمطار وذوبان الثلوج التي تغذيه.
من الناحية الثقافيةيشتهر حوض نهر مانتارو بتقاليده الزراعية القديمة ومهرجاناته الشعبية التي تعكس الحياة الريفية في جبال الأنديز بكل روعتها.
نهر سوتشيس
يعد نهر سوشيز أحد أشهر الأنهار العابرة للحدود في بيرو، إذ يشكل جزءًا من الحدود الطبيعية بين بيرو وبوليفيا في مجراه العلوي، قبل أن يصب في بحيرة تيتيكاكا. يقع منبعه في بحيرة سوتشس، الواقعة على ارتفاع أكثر من 4,600 متر فوق مستوى سطح البحر في جبال الأنديز في البيرو.
على طول مساره الذي يبلغ طوله 174 كيلومترًا، يحتفظ نهر سوتشيس بحوض ذي أهمية بيئية كبيرة. عند مصبه في بحيرة تيتيكاكا، فإنه يساهم في تكوين مناطق رطبة ومستنقعات تضم تنوعًا بيولوجيًا ملحوظًا. بالإضافة إلى ذلك، يعد هذا النهر مهمًا لصيد الأسماك الحرفي وللمجتمعات المحلية في كلا البلدين.
من بين المشاكل التي يواجهها نهر سوتشيس هو التلوث الناتج عن التعدين، حيث تحتوي مياهه على نسبة عالية من المعادن الثقيلة بسبب التعدين غير الرسمي في المنطقة.
يعد نهر سوشيز والبحيرة التي يأخذ اسمه منها أمرًا حيويًا لتنظيم المياه والحفاظ على التنوع البيولوجي في هذا النظام البيئي المرتفع في جبال الأنديز.
هذه مجرد أمثلة قليلة من أهم الأنهار في بيرو، ولكن هناك العديد من المسطحات المائية الأخرى التي تساهم في الحياة اليومية لملايين البيروفيين. كل منهم أساسي للتوازن البيئي والزراعة والطاقة والثقافة في البلاد.
نهر شيرا
نجد جنوب الإكوادور وشمال بيرو نهر شيرا. ولد في الجزء الغربي من جبال الأنديز على ارتفاع يزيد عن 3000 متر. يبلغ طوله أكثر من 168 كيلومترًا.